الغريزة الجنسية بين كبح ونشرقال لي معلمي : على المرء ان يكبح جماح الغريزة الجنسية ، ولا يعني هذا القضاء على هذه
المنحة الالهية التي اودعها الخالق تبارك وتعالى في ذات البشر ، لان عملا
كهذا يؤدي الى انقطاع النسل والحرمان من اكثر متع الدنيا لذة ، ومن هنا فان
على المرء ان يجعل قيادة نفسه الى عقله ، وان يعزز ارادته لكي يتمكن العقل
من السيطرة على الغريزة الجنسية ويجعلها في الطريق القويم ، ولان الشريعة
عينت الحلال وشخصت الحرام ، فالعقل يقود الغريزة في مسالك الحلال بعيدا عن
الحرام ، وعندها يلتذ الانسان ويشبع شهوته الجنسية ويستمر النسل . كنت اعرف
شابا اشتغل مدة في تزكية نفسه
قال لي يوما : لقد
نجحت في ضبط نفسي ، واستطعت الابتعاد بها عن الصفات الحيوانية ، لكني
اخفقت في ضبط غريزتي الجنسية ، وقد جرتني مع الاسف الى المعصية والغفلة عن
الله .
قلت له : اتعرف لماذا فشلت في ذلك ؟
قال : لا ، ولقد جئت اليك استمدك العون .
قلت له : ان فشلك يعود الى خطأ في رؤيتك لهذه الغريزة ، انك تتصورها صفة حيوانية
يتوجب القضاء عليها تماما ، ليكن في علمك ان هذه الغريزة كلما قوت في ذات
الانسان كان سليما معافى ، فهي كالبصر والشم والذوق وسائر الحواس ، فكلما
كانت قوية كان الجسم صحيحا سليما .
.وديننا لم يأمرنا بمحاربة غريزة
الجنس والقضاء عليها . فكما انه ينبغي السيطرة على ابصارنا فلا نرى فيها
الحرام ، واسماعنا نمنعها عن الاصغاء للحرام ، فكذا شهوة الجنس يتوجب
السيطرة عليها فلا توقعنا في الحرام .
.ولذا لو وقعت عين احد على
حرام كالنظر الى غير المحارم فهل عليه ان يطمسها ؟ فكذا غريزة الجنس اذا
اوقعته في حرام فلا ينبغي ان يقضي عليها ، وانما عليه ان يكبح جماحها
ويسيطر عليها .
.وكما ان الانسان يشكر الله سبحانه اذا منحه نعمة
البصر الحاد فعليه ان يشكر الله عز وجل ؛ اذ منحه هذه الغريزة القوية
والمطلوب منه هو ان لا يجعلها تجره الى الحرام .
من هنا فانك خاطئ لو
اردت القضاء على شهوتك الجنسية ، فلا تقل اني اريد القضاء عليها وقل انما
اريد تهذيبها ، وان تكون نفسي تحت قيادة عقلي ، وان غريزتي حرة ما دامت
تتحرك في دائرة الحلال ، ولن اتعرض لها بالمنع الا في حالة تجاوزها حدودها
الشرعية .
قال الشاب : الآن ادركت خطأي في القضاء على الشهوة ،
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
«النكاح سنتي ، فمن رغب عن سنتي فليس مني» .قلت له : وما
اكثر الروايات والاحاديث في الحض على الزواج والترغيب فيه ، ولو جمعتها
لكانت كتابا مستقلا ، وكم من الروايات التي تنفر من العزوبية والاعراض عن
الحياة الزوجية المشتركة التي تصل الى حد اعتبار منكرها منكرا لضرورات
الدين .
.ان طريق النجاح في تزكية النفس هو في اخضاعها لمنطق العقل ، ويكفي زجرها عن الحرام فلا تقع فيه ،
ولذا قال الله سبحانه في صفات المؤمنين :
«والذين هم لفروجهم حافظون * الا على ازواجهم او ما ملكت ايمانهم فانهم غير ملومين»